للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١- إن من أعظم ما يصل الرجل به أقاربه تعليمهم أمور دينهم وبيان ما يحل وما يحرم، ودعوتهم إلى الله تعالى وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر حسب الاستطاعة، ولهذا كان أول ما أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم إنذار عشيرته الأقربين، مع أنه رسول إلى جميع العالمين، قال الإمام البخاري رحمه الله في باب وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك - ألن جانبك, وساق بسنده إلى ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} صعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا فجعل ينادي يا بني فهر، يا بني عدي - لبطون قريش - حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش فقال: "أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي، قالوا: نعم ما جرّبنا عليك إلا صدقا, قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب: تبّا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا؟ فنزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ, مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} ثم ساق بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} قال: "يا معشر قريش أو كلمة نحوها اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئا, يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئا, يا عباس عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا, ويا صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أغني عنك من الله شيئا, ويا فاطمة بنت محمد سليني ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا". فقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبدأ بعشيرته الأقربين وما ذاك إلا لأن حقّهم مقدّم على حقّ غيرهم، وقد امتثل صلى الله عليه وسلم أمر ربه فبدأ بهم وعمّ في ندائه وخصّ, فنادى قريشا وخص منهم بيوتا كبني فهر وبني عدي وبني عبد مناف، وخص أفرادا هم أقرب الناس إليه كعمه وعمته وابنته، والآية