يعني نفسه انتزع من نفسه كريما مبالغة في كرمه، فإذا عرفت هذا فالنار سميت الهاوية لغاية عمقها وبعد مهواها، فقد روي أن داخلها يهوي فيها سبعين خريفا، وخصها البعض بالباب الأسفل من النار فانتزع منها هاوية أخرى مثلها في شدة العمق وبعد المهوى مبالغة في عمقها وبعد مهواها، والعلم عند الله تعالى.
سورة العصر
قوله تعالى:{وَالْعَصْرِ إِنَّ الأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} هذه الآية الكريمة يدل ظاهرها على أن هذا المخبر عنه أنه في خسر إنسان واحد بدليل إفراد لفظة الإنسان، واستثناؤه من ذلك الذين آمنوا وعملوا الصالحات يقتضي أنه ليس إنسانا واحدا.
والجواب عن هذا هو أن لفظ الإنسان وإن كان واحدا فالألف واللام للاستغراق يصير المفرد بسببهما ما صيغة عموم، وعليه فمعنى أن الإنسان أي أن كل إنسان لدلالة (أل) الاستغراقية على ذلك، والعلم عند الله تعالى.
سورة الماعون
قوله تعالى:{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} الآية، هذه الآية يتوهم منها الجاهل أن الله توعد المصلين بالويل، وقد جاء في آية أخرى أن عدم الصلاة من أسباب دخول سقر وهي قوله تعالى:{مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} ، والجواب عن هذا في غاية الظهور، وهو أن التوعد بالويل منصب على قوله:{الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} الآية، وهم المنافقون على التحقيق، وإنما ذكرنا هذا الجواب مع ضعف الإشكال وظهور الجواب عنه؛ لأن الزنادقة الذين لا يصلون يحتجون لترك الصلاة بهذه الآية، وقد سمعنا من ثقات وغيرهم أن رجلا قال لظالم تارك الصلاة مالك لا تصلي؟ فقال: لأن الله توعد على الصلاة بالويل في قوله {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} فقال له: اقرأ ما بعدها، فقال: لا حاجة لي فيما بعدها فيها كفاية في التحذير من الصلاة، ومن هذا القبيل قول الشاعر: