ولكن ويا حسرة على المسلمين خلف من بعدهم أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات وعكفوا على الدنيا، فاتخذ بعضهم حكم الرعية مغنما يستولون به على الأموال، ويهتكون به الأعراض، ويذلّون المسلمين الأعزاء، ويضعفون الأقوياء، ويسهمون في معاونة أعداء الإسلام على إذلال إخوانهم المؤمنين وسلب أموالهم وأراضيهم، ومحاربة أعمالهم الصالحة، وأقوالهم الناصحة، ويطمسون معالم الإسلام بإنشاء قوانين ليست منه في شيء وليست من صلاح المؤمنين في شيء، والمسلم الذي يعتقد أنّ محمدا رسول الله يجب عليه أن يعمل بقوله "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه ولا يقتله"وعدم خذلان المسلم نصرته على أعدائه وليس التعاون معهم، وعدم إسلامه هو الدفاع عنه وعدم تركه لأعدائه يفعلون به ما يشاءون.
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"ترى المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".
ولابد للمسلمين إذا أرادوا العزة ورغبوا في القوة وطمعوا في حياة فاضلة أن يعودوا إلى دينهم ويمتثلوا أوامر ربهم ويجتنبوا نواهيه، ويصفّوا أنفسهم من كدر الحقد والحسد والكبر والشح والحبّ المفرط للدنيا، ويصرفوا حبهم إلى خير المسلمين في جميع أنحاء الأرض، ويجاهدوا أنفسهم وينازعوها لذتها ومتعتها ويبعدوها عن كل مطلب حرام، ويرغموها على إتيان الحلال وحده حتى يرضى عنهم الله وينظر إليهم.
إنّ جهاد النفس هو الجهاد الأكبر فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"المجاهد من جاهد نفسه والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه".
وقال لأصحابه - بعد رجوعهم من إحدى الغزوات – "قدمتم خير مقدم قدمتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر مجاهدة العبد هواه"، وقال أيضا:"أفضل الجهاد أن تجاهد نفسك وهواك في ذات الله عز وجل".
أسأل الله لي وللمسلمين التوفيق إلى اتباع أمره واجتناب نهيه إنه سميع الدعاء.