ويمر عام أو عامان أو أقل من ذلك أو أكثر فيأتيك داع من دواعي الموت، وأنت لم تتجاوز الأربعين إلاّ قليلا، فيشتد عليك الذرب، وتلقي بنفسك في أحضان أخيك, وتئن بهذه الكلمات مع أنفاسك الأخيرة:
يؤمل دنيا لتبقى له
فمات المؤمّل قبل الأمل
حثيثا يروي أصول النخيل
فعاش الفسيل ومات الرجل
أيّ أمل هذا الذي مت دونه, وأيّ فسيل رويته ولم تأكل جناه؟ يكفيك أملا هذا الكتاب الذي تركته، وإذا كنت لم تأكل جناه في الدنيا، فما عند الله خير وأبقى.
قلة قليلة من أناسي هذا العالم، تركت وراءها آثاراً ظلت تحتفظ بمستواها الكفء، طيلة اثني عشر قرناً، وسيظل كتابك بإذن الله يحتفظ بهذا المستوى ما بقيت الأرض أرضاً والسماء سماء.