إلاّ أن صفة رب السموات والأرض أعلا وأكمل من أن تشبه صفات المخلوقين، فمن نفى عن الله وصفاً أثبته لنفسه فقد جعل نفسه أعلم بالله من الله سبحانك هذا بهتان عظيم ومن ظن أن صفة ربه تشبه شيئاً من صفة الخلق فهذا مجنون ضال ملحد لا عقل له يدخل في قوله:{تالله إن كنّا لفي ضلال مبين إذ نسويكم بربّ العالمين} . ومن يسوي ربّ العالمين بغيره فهو مجنون، ثمّ اعلموا أن المتكلمين الذين خاضوا في الكلام وجاءوا بأدلة يسمونها أدلة عقلية ركبوها في أقيسة منطقية قسموا صفات الله جل وعلا إلى ستة أقسام قالوا هناك صفة نفسية وصفة معنى. وصفة معنوية وصفة فعلية وصفة سلبية وصفة جامعة. أما الصفات الإضافية فقد جعلوها أموراً اعتبارية لا وجود لها في الخارج وسببوا بذلك إشكالات عظيمة وضلالاً مبيناً، ثمّ إنا نبين لكم على تقسيم المتكلمين ما جاء في القرآن العظيم من وصف الخالق جل وعلا بتلك الصفات ووصف المخلوقين بتلك الصفات وبيان القرآن العظيم لأن صفة خالق السموات والأرض حق وأن صفة المخلوقين حق وأنه لا مناسبة بين صفة الخالق وبين صفة المخلوق فصفة الخالق لائقة بذاته وصفة المخلوق مناسبة لعجزه وافتقاره وبين الصفة والصفة من المخالفة كمثل ما بين الذات والذات أمّا هذا الكلام الذي يدرس في أقطار الدنيا اليوم في المسلمين فإن أغلب الذين يدرسونه إنما يثبتون من الصفات التي يسمونها صفات المعاني. سبع صفات فقط وتنكرون سواها من المعاني ويؤولونها، وصفة المعنى عندهم في الإصطلاح ضابطها هي أنها ما دل على معنى وجودي قائم بالذات، والذي اعترفوا به منها سبع صفات هي القدرة والإرادة والعلم والحياة والسمع والبصر والكلام.