فإذا كان أظهر في أحد الاحتمالين فهو المسمّى بالظاهر، ومقابله يسمّى (محتملاً مرجوحاً) والظاهر يجب الحمل عليه إلاّ لدليل صارف عنه كما لو قلت: رأيت أسداً فهذا مثلاً ظاهر في الحيوان المفترس، محتمل في الرجل الشجاع، وإذاً فنقول: فالظاهر المتبادر من آيات الصفات من نحو قوله: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِم} . وما جرى مجرى ذلك، هل نقول الظاهر المتبادر من هذه الصفة هو مشابهة الخلق حتى يجب علينا أن نقول ونصرف اللفظ عن ظاهره أو ظاهرها المتبادر منها تنزيه ربّ السماوات والأرض حتى يجب علينا أن نقره على الظاهر من التنزيه.
الجواب: أن كل وصف أسند إلى ربّ السماوات والأرض فظاهره المتبادر منه عند كل مسلم هو التنزيه الكامل عن مشابهة الخلق فإقراره عن ظاهره هو الحق وهو تنزيه ربّ السماوات والأرض عن مشابهة الخلق في شيء من صفاته فهل ينكر عاقل أن المتبادر للأذهان السليمة أنّ الخالق ينافي المخلوق في ذاته وسائر صفاته لا والله لا يعارض في هذا إلاّ مكابر ثم بعد هذا البحث الذي ذكرنا نحب أن نذكر كلمة قصيرة لجماعة قرءوا في المنطق والكلام وظنوا نفي بعض الصفات من أدلة كلامية كالذي يقول مثلاً: لو كان مستوياً على العرش لكان مشابهاً للحوادث لكنه غير مشابه للحوادث ينتج فهو غير مستوٍ على العرش هذه النتيجة الباطلة تضاد سبع آيات من المحكم المنزل ولكننا الآن نقول في مثل هذا على طريق المناظرة والجدل المعروف عند المتكلمين. نقول: هذا قياس استثنى فيه نقيض التالي فأنتج منه نقيض المقدم حسب ما يراه مقيم هذا الدليل ونحن نقول: إنه تقرر عند عامة النظار أن القياس الاستثنائي المركب من شرطية متصلة لزومية يتوجه عليه القدح من ثلاث جهات:
١- يتوجه عليه من جهة استثنائيته.
٢- ويتوجه عليه من جهة شرطيته إذا كان الربط بين المقدم والتالي ليس بصحيح.