وقوله:{حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} حتى للغاية بمعنى إلى أن, وهذه الغاية لمقدر مفهوم من السياق تقديره: واستمرت تعرض عليه حتى توارت بالحجاب, والفاعل في توارت ضمير الصافنات الجياد. وقول:{رُدُّوهَا عَلَيَّ} ضمير الفاعل للساسة وضمير المفعول للخيل، والكلام على إضمار القول، والجملة مستأنفة استئنافاً بيانياً كأن سائلاً سأل: فماذا قال سليمان؟ فقيل: قال: ردّها، وقوله تعالى:{فَطَفِقَ مَسْحاً} الفاء للعطف على مقدر مفهوم من السياق تقديره: فردوها فطفق مسحاً.. وإنما حذفت هذه الجملة لظهورها ولبيان سرعة الامتثال كما في قوله:{فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً} . أي فضرب فانفجرت مننه وطفق من أفعال الشروع، ويندر أن يكون خبرها غير مضارع واسم طفق ضمير سليمان عليه السلام، ومسحاً مفعول مطلق لفعل مقدر هو خبر طفق، وتقديره فطفق يمسح مسحاً. فإن قيل فيه حذف عامل المصدر المؤكد وهو ممتنع عند ابن مالك، أجيب بأنه ليس بمؤكد بل هو مفعول مطلق مبين للنوع لتعلق ما بعده به وهو بالسوق أي فطفق يمسح مسحاً كائناً بسوق الخيل وأعناقها. وأعرب أبو البقاء {مَسْحاً} على أنه مصدر في موضع الحال أي ماسحاً وهو مردود لاحتياج طفق للخبر. وإنما مسح سوقها وأعناقها لأن العرق أكثر ظهوراً فيها فتتلطخ بالغبار فصار عليه السلام لحبه لها ورفقه بها وشفقته عليها شمر عليها يده لإزالة ما تلطخ بها.