٢- ينظر الإسلام إلى المجتمع على أنه جسم واحد يتكون من أعضاء مختلفة الوظائف متفاوتة الرتب تحس كلها بإحساس واحد، وتتعاون كلها وإن اختلفت درجاتها وقدراتها على جلب المنافع، ودفع المضار.
نلمس هذا في قول الرسول صلى الله عليه وسلم:"مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" أخرجه مسلم وأحمد عن النعمان بن بشير وهكذا يؤلف الإسلام من أبناء الأمة على اختلاف أوضاعهم ورتبهم ووظائفهم وأعمالهم وحدة متناسقة متكاملة متعاونة مؤتلفة يهتم كل فرد فيها بأداء واجبه نحو نفسه ونحو غيره، ولتحقيق هذا أوجب الله على القادرين أن يساعدوا العاجزين، وعلى الأغنياء أن يساعدوا المحتاجين، وعلى الأقوياء أن يؤازروا المستضعفين، وعلى الحكّام أن يسهروا على راحة المحكومين.
(أ) ونظرة الإسلام إلى المال نظرة سامية، ومعالجته للفقر معالجة دقيقة:
فالمال ملك لله كما قال:{وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}[١٦] .
ولكنه استخلفنا فيه وملكه لنا على أن نؤدي منه ما أوجبه علينا من حق خاص أو عام قال تعالى:{وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ}[١٧] وقال: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[١٨] .
وحين يكون الإنسان سفيهاً يسلبه حق التصرف فيه، وحين يمتنع عن دفع الحقوق الخاصة أو العامة يجبر عليها بقوة السلطان والسلطان لا تبرأ ذمته إلاّ إذا سدت للفقير حاجته، ويسرت له مئونته وتحقق للدولة كل أسباب القوة والعزة.