وعن ابن مسعود قال:"كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانطلق لحاجته فرأينا فيه حمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها فجاءت الحمرة فجعلت تعرش فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من فجع هذه بولديها؟ ردوا ولديها إليها " أخرجهما أبو داود.
في هذين الحديثين تتجلى روح النبي صلى الله عليه وسلم..أنه يحارب الظلم وإن نزل بطير أو حيوان إنه يحذر أن نعذب خلق الله وأن نجيع عباده ونشق عليهم في العمل ونفرق بين الأهل والعشيرة دون ذنب وجريرة.
إن الجمل الذي لا يعي ولا يبين والحمرة التي لا تعقل ولا تنطق قوى لديهما الإحساس بأن شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم شخصية فذة رحيمة عادلة يلجأ إليها الخائف فيأمن والجائع فيطعم والمكدود فيستريح والمظلوم فينصف.
ولا عجب إذا قدم كل منهما شكايته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولا عجب إذا بادر رسول الله صلى الله عليه وسلم بنظر شكايتهما والعمل على إنصافهما ليعلم الحكام من بعده أن يترفقوا بالمحكومين ويسارعوا إلى دفع الظلم عن المظلومين ورفع الغبن وضمان العيش الهنيء لجميع العالمين.
٤_ الحاكم مطالب بأن يراقب الله في أموال الدولة فلا يعبث ولا يسرف ولا ينفق إلاّ فيما يجب الإنفاق فيه وبالقدر اللازم له ويتحاشى أن تمتد إليها يده أو يد أقاربه أو يد المقربين إليه بغير حق ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة.
فقد روى أحمد في مسنده أن علياً وفاطمة أتيا النبي صلى الله عليه وسلم فقال علي:"يا رسول الله. والله لقد سنوت حتى اشتكيت صدري"، وقالت فاطمة:"لقد طحنت حتى مجلت يداي وقد جاءك الله بسبي وسعة فأخذ منا "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والله لا أعطيكم وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم من الجوع ولكن أبيعكم وأنفق عليهم أثمانهم".
هكذا حارب الرسول صلى الله عليه وسلم المحسوبية، وأعطانا درساً في العدالة الإجتماعية.