طلب نفر من عمر رضي الله عنه أن يتوسع على نفسه من بيت المال فقال:"إنما مثلي ومثل هؤلاء - أي الرعية - كمثل جماعة سافروا فأعطوا نفقاتهم إلى رجل منهم فهل يحل له أن يستأثر بشيء منها". وحضر رجل مع أبي موسى الأشعري في غزو فغنموا مغنماً فأعطاه أبو موسى بعض سهمه فأبى أن يقبله إلاّ جميعاً فجلده أبو موسى وحلق شعره فجمع الرجل شعره ورحل إلى عمر ثم رمى به في وجهه وقال:"والله لولا النار". فقال عمر:"صدق الله لولا النار"ثم سأله ما قصته فأخبره فكتب إلى أبي موسى: إن كنت ضربته في الملأ فاجلس إليه ليضربك في الملأ، وإن كنت ضربته في الخلاء فاجلس إليه ليضربك في الخلاء فقدم الرجل على أبي موسى فقال له الناس: أعف عنه، فقال: لا, والله لا أدعه لأحد من الناس فلما قعد أبو موسى ليقتص منه قال له: هل أحد يمنعك مني الآن؟ قال: لا. قال: الآن عفوت عنك لوجه الله الذي مكنني منك". ومرة وجد علي كرم الله وجهه درعه في يد يهودي فقال لليهودي: "الدرع درعي لم أهب ولم أبع"فقال اليهودي: "درعي وفي يدي"فلم يمد على يديه إليها وهو أمير المؤمنين بل أعلن خضوعه للقانون الذي يسري على عامة الرعية فرفع الأمر إلى القضاء فلما وقف أمام القاضي شريح سوى شريح بينه وبين خصمه وبدأ علي يعرض شكايته فطلب منه شريح بينة فقال علي:"قنبر والحسن يشهدان بأنها لي "فقال شريح:"شهادة الإبن لأبيه لا تجوز "فقال له علي:"رجل من أهل الجنة لا تجوز شهادته سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة " فقال اليهودي: "أمير المؤمنين قدمني إلى قاضيه وقاضيه لم يحكم له أشهد أن هذا هو الحق أشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله وأن الدرع درعك".
هذه بعض روائع الحكم الإسلامي فلنعد إليه عسى أن نتنسّم نسيم الحرية ونظفر بحياة طيبة وعيش كريم ونعيم مقيم ومنزلة سامية بين العالمين.