فهذه الأحاديث وما جاء في معناها تدل على أنه يكتفى في رؤية هلال رمضان بالشاهد الواحد العدل، أما في الخروج من الصيام وفي بقية الشهور فلا بد من شاهدين عدلين جمعا بين الأحاديث الواردة في ذلك وبهذا قال أكثر أهل العلم وهو الحق لظهور أدلته ومن هذا يتضح أن المراد بالرؤية هو ثبوتها بطريقها الشرعي وليس المراد أن يرى الهلال كل أحد، فإذا أذاعت الدولة المسلمة المحكمة للشريعة كالمملكة العربية السعودية أنه ثبت لديها رؤية هلال رمضان أو هلال شوال أو هلال ذي الحجة فإن على جميع رعيتها أن يتبعوها في ذلك. وعلى غيرها أن يأخذ بذلك عند جمع كثير من أهل العلم لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم:"الشهر تسع وعشرون فلا تصوموا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين" رواه البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما وأخرجه مسلم بلفظ "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن أغمى عليكم فاقدروا له ثلاثين" وأخرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غبى عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين" وأخرجه مسلم بهذا اللفظ لكن قال: فإن غمى عليكم الشهر فعدوا ثلاثين. فإن ظاهر هذه الأحاديث وما جاء في معناها يعم جميع الأمة ونقل النووي رحمه الله أن هذا هو قول الليث بن سعد والأمام الشافعي والإمام أحمد رحمة الله عليهم قال يعني بن المنذر ولا أعلمه إلا قول المدني والكوفي يعني مالكا وأبا حنيفة رحمهما الله. انتهى. وقال جمع من العلماء: إنما يعم حكم الرؤية إذا تحدت المطالع أما إذا اختلفت فلكل أهل مطلع رؤيتهم وحكاه الإمام الترمذي رحمه الله عن أهل العلم، واحتجوا على ذلك بما خرجه مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنه أن كريبا قدم عليه في المدينة من الشام في آخر رمضان فأخبره أن الهلال رؤي في الشام ليلة الجمعة وأن معاوية والناس صاموا بذلك فقال ابن عباس لكنا رأيناه ليلة