قال الحافظ ابن كثير في تفسيره:"وفي الحديث القدسي "إني لأثأر لأوليائي كما يثأر الليث الحرب"اهـ, ومعناه أنّ الله ينتقم لأوليائه وهم المؤمنون كما ينتقم الأسد الغضبان ممن أغضبه, والله عزيز ذو انتقام.. وقال تعالى في سورة (الصافات: ١٧١-١٧٣) : {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ, إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ, وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} , وقبلها (١٦٧-١٦٩) : {وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ, لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ, لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ, فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}
أخبرنا سبحانه وتعالى أنّ كفار العرب كانوا يقولون قبل نزول القرآن وبعثة الرسول عليه الصلاة والسلام:{لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ} أي كتاباً من الكتب التي أنزلها الله عليهم لاهتدينا به، وتطهرنا به من جهالتنا {لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} المطهّرين من كل ضلال وشر وشرك، فلما جاءهم أفضل كتاب بواسطة أفضل رسول كفروا به وكذّبوه, قال الله تعالى:{فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} هذا تهديد لهم بعذاب عظيم لم يكن لهم في الحسبان، وهو تهديد لكل أمة بلغها هذا الكتاب فأعرضت عنه، ولم تتخذه إماما وحكما، ولم تستضيء بنوره، ولو اهتدت بهداه، لابد أن يصيبها عذاب عظيم فوق ما يخطر بالبال, ونحن نشاهد هذا العذاب اليوم بأعيننا يصيب الشعوب التي أعرضت عن كتاب الله ورفضت شريعته وسنة رسوله بعدما علمت يقينا ما أدركه أسلافها من السعادة والعز والنصر المبين بإتباع هذا الكتاب الكريم, والرسول ذي الخلق العظيم.