فمنهم من رضي ومنهم من كره، فقال تمسكوا بقضائي حتى تأتوا رسول اله صلى الله عليه وسلم بالموسم فيقضي بينكم فوافقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند مقام إبراهيم فساروا إليه فحدثوه بحديثهم. وهو محتب ببرد عليه فقال: إني أقضي بينكم إن شاء الله. فقال رجل من أقصى القوم: إن علي ابن أبي طالب قد قضى بيننا قضاء باليمن، فقال: وما هو؟ فقصوا عليه القصة، فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم القضاء كما قضى علي بينهم.
ففي هذه القصة يتحقق معنى الاستئناف المعروف حاليا أو التمييز الذي هو عبارة عن رفع القضية بعد صدور الحكم الأول فيها إلى جهة أعلى منها للنظر في سيرها ومطابقة حكمها لواقعها. لأن عليا رضي الله عنه قال: فإن رضيتم فقضائي وإلا فهو حاجز بينكم حتى تأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أعلم بالقضاء مني. فرضي البعض ولم يرض البعض الآخر. وهذا هو عين ما يعرف بتقرير عدم القناعة ثم رفع القضية بتمامها، ومن جهة أخرى فقد تقرر مبدأ عدم نظر القضية إذا كانت نظرت من قاض آخر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع القائل يقول: قضى فيها علي بنا باليمن توقف عن القضاء حتى سمع الحكم الأول فأقره وهذا بعينه هو سلم المحاكم ومراتبها: مستعجلة- كبرى - استئناف. وفي النظم الأخرى: محكمة الصلح - محكمة أولية - محكمة استئناف - وتوجد محكمة النقض والإبرام. ويوجد ما يقابلها باسم مجلس القضاء الأعلى قد ينظر القضية بين محكمة التمييز وبعض المحاكم الكبرى.
ومنع عمر الأمراء أن يقيموا حكم القتل حتى يعرض عليه. وهو ما عليه العمل الآن من تصديق الملك أو الرئيس على الحكم في القتل.
أما الترتيب الأول فهو سير المحكمة والمحاكمة فهذا الشكل لم يكن معروفا من قبل لأنه لم تكن له حاجة تدعو إليه. وقد تأثرت بمؤثرات الحياة وتطورات المجتمع.