ولما كانت هذه صفات المنافقين كان التلبس بضدها من صفات المؤمنين، ولهذا أثنى الله على عبده ورسوله إسماعيل بصدق الوعد، وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صادق الوعد أيضا لا يعد أحدا شيئا إلاّ وفّى له به. وقد أثنى على أبي العاص بن الربيع زوج ابنته زينب فقال:"حدثني فصدقني, ووعدني فوفى لي".
ولم توفي النبي صلى الله عليه وسلم قال الخليفة أبو بكر الصديق:"من كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة أو دين فليأتني أنجز له، فجاء جابر بن عبد الله فقال: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قال لي: "لو قد جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا"، يعني ملء كفيه, فلما جاء مال البحرين أمر الصديق جابراً فغرف بيديه من المال, ثم أمره بعده، فإذا هو خمسمائة درهم فأعطاه مثيلها معها.
وقوله:{وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً} في هذا دلالة على شرف إسماعيل على أخيه إسحاق، لأنه إنما وصف بالنبوة فقط, وإسماعيل وصف بالنبوة والرسالة. وقد ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنّ الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل" وذكر تمام الحديث. فدل على صحة ما قلناه.
وقوله:{وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً} هذا أيضا من الثناء الجميل، والصفة الحميدة، والخلة السديدة؛ حيث كان صابراً على طاعة ربه عز وجل، آمراً بها أهله كما قال تعالى:{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} الآية, أي مروهم بالمعروف وانهوهم عن المنكر، ولا تدعوهم هملاً فتأكلهم النار يوم القيامة.