فإذا قرب من وقت التكلم، وأريد تسهيل الكلام عليه، فليدلك ألسنتهم بالعسل والملح الأندراني لما فيهما من الجلاء للرطوبات الثقيلة المانعة من الكلام، فإذا كان وقت نطقهم فليلقن لا إله إلا الله، محمدا رسول الله، وليكن أول ما يقرع مسامعهم، معرفة الله سبحانه وتوحيده، وأنه سبحانه فوق عرشه، ينظر إليهم ويسمع كلامهم وهو معهم أين ما كانوا ... ولهذا كان أحب الأسماء إلى الله: عبد الله وعبد الرحمن، بحيث إذا وعى الطفل وعقل علم أنه عبد الله وأن الله هو سيده ومولاه.
وإذا حضر وقت نبات الأسنان فينبغي أن يدلك لثاهم كل يوم بالزبد والسمن ويمرخ جدر العنق تمريخا كثيرا ويحذر عليهم كل الحذر، وقت نباتها إلى حين تكاملها، وقوتها من الأشياء الصلبة ويمنعون منها كل المنع لما في التمكن منها من تعريض الأسنان لفسادها وتعويجها، وخللها.
ولا ينبغي أن يشق على الأبوين بكاء الطفل وصراخه _ ولا سيما لشربه اللبن إذا جاع _ فإنه ينتفع بذلك البكاء، انتفاعا عظيما، فإنه يروض أعضاءه ويوسع أمعاءه، ويفسح صدره ويسخن دماغه ويحمي مزاجه ويثير حرارته الغريزية، ويحرك الطبيعة لدفع ما فيها من الفضول ويدفع فضلات الدماغ من المخاط وغيره.
وينبغي أن لا يهمل أمر قماطه ورباطه ولو شق عليه، إلى أن يصلب بدنه وتقوى أعضاؤه ويجلس على الأرض فحينئذ يمرن ويدرب على الحركة والقيام قليلا إلى أن يصير له ملكة وقوة ويفعل ذلك بنفسه.