الخادم قد يكون عبدا مملوكا، وقد يكون أجيرا كما مضى، وسبق أن على السيد أن يعتني بعبده ومخدومه فيعلمه ما يهمه من أمور دينه، حتى يعرف ما يجب عليه لربه ولسيده وغير ذلك ليقوم بما كلف به، بصدق وإخلاص وأمانة، سواء كان الخدم عبدا أم أجيرا، فقد حمله الرسول صلى الله عليه وسلم مسئوليته التي يجب أن ينهض بها، دون تقصير ولا خيانة وينبغي للسيد إذا استأجر أجيرا، أو أراد شراء عبد أن يختار من يترجح عنده أنه أمين لا يخون في عمله، قوي لا يقصر فيه، خبير به لا يدخله الخلل بسبب جهله. وقد نوه القرآن الكريم بذلك في المسئوليات الكبيرة والصغيرة فيوسف عليه السلام حينما رأى أموال مصر تبعثر في غير فائدة بسبب عدم أهلية المسئولين، للقيام عليها طلب من عزيز مصر أن يوليه شئونها وعلل ذلك بقوله {إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} والحفظ شامل للأمانة والقدرة على التنفيذ، وابنة صاحب مدين الذي لجأ إليه موسى عليه السلام فارا بنفسه من فرعون طلبت من أبيها أن يستأجر موسى لرعاية أغنامهم وعللت ذلك بقولها {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ} .
فالمسئولية الأولى_ مسئولية يوسف _ مسئولية كبيرة لأنها ولاية على حفظ أموال الدولة كلها، وهي التي يُطلق عليها الآن وزرة المالية والاقتصاد.
والمسئولية الثانية _ رعاية موسى للغنم _ من المسئوليات الصغار لأنها قيام على حفظ مال فرد واحد، وليست منصبا كبيرا في الدولة ومع ذلك فقد اشترط في المسئول عن الثانية ما اشترط في المسئول عن الأولى وإذا كان خادم الرجل أمينا، اطمأن على أمواله وغيرها في البيت وخارجه، وبخلاف ما إذا كان خائنا فإنه يخشاه دائما على أمواله وأهله وعلى العمل الذي يُسند إليه بأن لا يتقنه.