للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد وصف الله المنافقين بقوله في سورة (النساء: ١٤٣-١٤٣) : {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً, مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً} , فصلاة هؤلاء المنافقين لم تغن عنهم شيئا وهم في الدنيا مجللون بالخزي, وفي الآخرة في الدرك الأسفل من النار, وقال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ, الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ، الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ, وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} (الماعون:٧) أي يقصدون بعبادتهم أن يراهم الناس فيمدحوهم وقلوبهم خربة ليس فيها خير، فلذلك (يمنعون الماعون) المراد بالماعون على تفسير عبد الله بن مسعود وكثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ما يُعِيرُهُ الناس بعضهم لبعض كالفأس والقدر والدلو والميزان والمد ونحو ذلك، قال ابن كثير رحمه الله: "والذي يمنع الماعون مع بقاء عينه أجدر وأحرى أن يمنع الزكاة، والصدقة والإحسان".

وقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم ميزاناً يمتحن به الناس، يميّز به المؤمن من المنافق، وهو قوله فيما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة: "آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان" زاد مسلم في روايته: "وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم".

فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بعبارة صريحة لا لبس فيها ولا غموض أن من اجتمعت فيه الخصال الثلاث، وصارت له خلقا وديدنا لا يتحرج منها، هو كافر خالص الكفر من شرار الكفار، وهم المنافقون، وأن هذه الخصال لا تكاد أن تجتمع في مؤمن البتة، فإن قال: أنا مسلم، فقد أمرنا أن لا نصدقه، وإن صلى وصام فلا صلاة له ولا صيام.