للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يعرف أحد من أئمة أهل السنة الذي قال بعدم حجية السنة ونحن نقيم على هذا أدلة قاطعة من كتب الحديث والفقه وتاريخ المسلمين إن شاء الله تعالى.

فهذا إمام من أئمة أهل السنة إمام دار الهجرة أبو عبد الله مالك بن أنس الذي شدت إليه الرحال وضربت له أكباد الإبل وازدحم الناس حوله، لقد عرف رحمه الله تعالى فقيها ومحدثا وهذا الوصف المطابق لم يزل ملازما الإمام مالك حتى انتقل إلى رحمة الله ورضوانه.

لقد توهم بعض الباحثين فقالوا إن مالكا كان يقدم القياس والرأي في مقابلة السنة، وهذا اتهام وبهتان فقد نقل عبد الوهاب الشعراني على لسان مالك قوله "إياكم رأي الرجال إلا إن أجمعوا عليه واتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم وما جاء عن نبيكم وإن لم تفهموا المعنى وسلموا لعلمائكم، ولا تجادلوا، فإن الجدال في الدين من بقايا النفاق" [٣] .

وفيه أيضا نقلا عن ابن حزم قوله: "أنه لما حضرته الوفاة قال وددت الآن أني أضرب على كل مسألة قلتها برأي سوطا ولا ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء زدته، في شريعته وخالفت فيه ظاهرها" [٤] ومن هنا أخذ بعض الناس منع رواية الحديث بالمعنى للعارف خوفا أن يزيد الراوي في الحديث أو ينقص.

وقال الإمام مالك في رسالته الخالدة إلى الليث بن سعد [٥] "وفقنا الله وإياك لطاعته وطاعة رسوله في كل أمر وعلى كل حال" [٦] ومن منا لا يعرف قول الإمام مالك المشهور: كل يؤخذ بقوله ويرد إلا صاحب هذا القبر (مشيرا إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم) فهذه بعض النصوص حجة صريحة على من يتهم الإمام مالكا. نعم لقد تحير بعض الناس لما وقفوا على موطأ مالك ووجدوا أنه كتاب فقه وحديث، كتاب رواية ودراية، كتاب رأي وفتوى وهو مشهور بين أهل العلم بكتاب السنة، فكيف يجمع هذا في كتاب واحد وفي رجل واحد.