للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يجوز أن يحتج بما وقع فيه أغلب المسلمين اليوم من التحاكم إلى القوانين الوضعية فإن ذلك لا يبرره ولا يجعله جائزاً بل هو من أنكر المنكرات وإن وقع فيه الأكثرون وليس وقوع الأكثر في أمر من الأمور دليلاً على جوازه كما قال الله سبحانه: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأََرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} . وكل حكم يخالف شرع الله فهو من حكم الجاهلية قال الله سبحانه: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} . وأخبر سبحانه أن الحكم بغير ما أنزل كفر وظلم وفسق فقال سبحانه في سورة المائدة: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُون. وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ. وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} . وهذه الآيات وما جاء في معناها توجب على المسلمين الحذر من الحكم بغير ما أنزل الله والبراءة منه والمبادرة إلى حكم الله ورسوله وانشراح الصدر به والتسليم له وإذا كانت الحادثة يعم ضررها كالخطف كان وجوب رد الحكم فيها إلى الله ورسوله آكد من غيرها وأعظم في الوجوب لأن الله سبحانه هو الحكيم الخبير وهو أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين وهو العالم بما يصلح عباده ويدفع عنهم الضرر، ويحسم عنهم الفساد في حاضرهم ومستقبلهم.

فوجب أن يردوا الحكم فيما تنازعوا فيه إلى كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لأن فيهما الكفاية والمَقْنَع والحل لكل مشكل والقضاء على كل شر لمن تمسك بهما واستقام عليهما وحكم بهما وتحاكم إليهما كما سبق بيان ذلك في الآيات المحكمات.