ولقد حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد الحرص على لفت أنظار المؤمنين وتوجيه انتباههم إلى أن يكون سلوكهم مع الله ومع الناس، وتصرفهم في كل شئون الحياة مصدقاً لإيمانهم ومظهراً لعقيدتهم، فقال لمن سأله قولاً في الإسلام لا يسأل عنه أحداً غيره:"قل آمنت بالله ثم استقم"..
والظن بأن مجرد دعوى الإيمان والانتساب للإسلام والنطق بالشهادتين والتسمي بأسماء المسلمين يكفل للمدعين نصر الله في الدنيا، ويفتح لهم باب الجنة في الآخرة يدخلونها بسلام آمنين، وإن كانوا غارقين في المعاصي لأذقانهم مفسدين في الأرض. كسالى خامدين: هذا الظن وهم وخطأ وضلال بعيد.. هذا إيمان صوري لا ينجي صاحبه من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، فالسعادة ليست للغارقين الهازلين، والجنة ليست للعاصين المتمردين:"ليس الإيمان بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل، وإن قوماً خرجوا من الدنيا ولا عمل لهم، وقالوا نحن نحسن الظن بالله وكذبوا لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل".
إن الناظر في ماضي المسلمين وحاضرهم ليعجب أشد العجب مما كانوا فيه، وما صاروا إليه. المسلمون في أول أمرهم أتوا بالعجائب غزوا وفتحوا وسادوا ... والمسلمون في آخر أمرهم أتوا بالعجائب أيضاً ذلوا واستكانوا وضعفوا. والقرآن هو القرآن وتعاليم الإسلام هي تعاليم الإسلام.. فلماذا ساد الأولون وذل الآخرون!! ...
لا سبب إلا أن الأولين عملوا والآخرين تركوا، ولن يستقيم حالنا إلا بما استقام به ماضينا إيمان وعمل، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ... اعتصام بالله ووقوف عند أمره ونهيه، واقتداء برسول الله وعمل بسنته:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} .