وفي الصيام فوائد كثيرة وحكم عظيمة, منها: تطهير النفس وتهذيبها وتزكيتها عن الأخلاق السيئة كالأشر والبطر والبخل, وتعويدها الأخلاق الكريمة كالصبر والحلم والجود والكرم ومجاهدة النفس فيما يرضي الله ويقرّب لديه. ومن فوائد الصوم أنه يعرّف العبد نفسه وحاجته وضعفه وفقره إلى ربه سبحانه وتعالى, ويذكره بعظيم نعم الله عليه, ويذكره أيضا بحاجة إخوانه الفقراء فيوجب له ذلك شكر الله سبحانه والاستعانة بنعمه على طاعته ومواساة إخوانه الفقراء والإحسان إليهم. وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى هذه الفوائد في قوله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} , فأوضح سبحانه أنه كتب علينا الصيام لنتقيه سبحانه فدل ذلك على أن الصيام وسيلة للتقوى, والتقوى: هي طاعة الله ورسوله بفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه عن إخلاص لله عز وجل ومحبة ورغبة ورهبة, وبذلك يتقي العبد عذاب الله وغضبه, فالصيام شعبة عظيمة من شعب التقوى, ووسيلة قوية إلى التقوى في بقية شؤون الدين والدنيا, وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى بعض فوائد الصوم في قوله صلى الله عليه وسلم:"يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج, ومن لم يستطيع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن الصوم وِجاء للصائم ووسيلة لطهارته وعفافه, وما ذاك إلا لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم والصوم يضيّق تلك المجاري, ويذكر بالله وعظمته فيضعف سلطان الشيطان, ويقوى سلطان الإيمان, وتكثر بسببه الطاعات من المؤمن وتقل به المعاصي.
وفي الصوم فوائد كثيرة غير ما تقدم تظهر للمتأمل من ذوي البصيرة, ومنها أنه يطهّر البدن من الأخلاط الرديئة ويكسبه صحة وقوة, وقد اعترف بذلك كثير من الأطباء, وعالجوا به كثيرا من الأمراض.