ومن واجبنا هنا أن نذكر غزوة الأحزاب لنطرد اليأس ونصحب الأمل فقد ألَّب يهود بني النضير كفار مكة ومن حولها على رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرجوا في جيش جرار وعقدوا العزم على إبادة الدعوة والداعية واستمالوا يهود بني قريظة فخانوا المسلمين وانضموا إليهم، واشتد الخطب على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الحين وقال المنافقون يومئذ:"إن محمداً كان يعدنا كنوز كسرى وقيصر وأحدنا اليوم لا يأمن أن يذهب إلى الخلاء وحده".
ولكن إيمان المؤمنين فتح في وجوههم أبواب الأمل، وبدد ظلمات اليأس، وأنار أمامهم الدنيا بأجمعها فنصرهم الله بريح من لدنه ساقها إلى الكفار فأعمت عيونهم وردتهم على أعقابهم خاسرين، وبعدئذ تفرَّغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليهود بني قريظة أولئك الذين خانوا عهده، ونقضوا مواثيقه، وأصبحوا حرباً على المسلمين فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإسراع إليهم، والإجهاز عليهم، واستجاب المؤمنون لرسولهم، وانطلقوا سراعاً نحوهم وحاصروهم حتى نزلوا على حكمهم، وعاد المسلمون بالنصر والغنيمة، وباء الخونة بالخذلان والهزيمة.