ثم يكون صدوره ووروده لله تعالى وتكون بدايته ونهايته له وحده ويكون حبه في الله، وبغضه لله، وتكون صلاته من أجل الله وحده لا شريك له.
فالبشر عدم، والعظماء حقراء، والسادة عبيد، والرؤساء في نظره أذناب، والخوف مع الله أمان، والنار برعايته برد وسلام، واليأس من الناس رجاء {يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاما} على جنود الرحمن وعباد اللطيف المنان.
ولست بهذه الكلمة راغباً في وضع تخطيط لنهج علمي، وتسجيل بحث لدراسة خاصة ولكني أرغب في الدعوة إلى تخليص الأفراد مما يقيد فكرهم وعقلهم عن الانطلاق إلى لب الوجود، وحقيقة الحقائق منادياً:
بإلغاء كل الشعارات الزائلة، والاتجاهات الباطلة لنرفع شعاراً واحداً لا يتغير ولا يتبدل هو الشعار الأصيل:
"الله وحده ".
لقد آثرت في حياتي الصمت تاركاً الكلام لغيري، واكتفيت من وجودي بالنظر العميق إلى ما وراء هذا الوجود متأملاً فيما صنع الرحمن، وفيما أعطى وفيما وهب. واعتقادي أن ما نراه قليلاً هو كثير، وأن البسيط عظيم، وأن ما نلقاه من متاعب راحة، وما يصادفنا من مشقات سعادات.
وإني لأعجب من بعض الصالحين الذين يدعون ربهم فيقولون: الله بارك لنا في القليل الذي بين أيدينا. ولكني أقول: يا رب بارك لي في الكثير الذي أعطيتني.. فله الحمد حتى يرضى، وما أستطيع أن أرفع نظري إليه شاكراً لأنه حتى في التوفيق إلى الشكر هو صاحب الفضل. فالعجب كل العجب لمتفضل بالنعمة يضاعفها ثم يسبغها، ثم يحفظها، ثم يعطيك الهداية لشكرها فهو صاحب الفضل في كل حال، وهو الموفق للطاعة ثم يثيب عليها.. سبحانه يعين على الشكر والذكر وحسن العبادة ثم يمنح الأجر ...
اللهم لك الحمد على الدوام. ولا إله إلا أنت ولا عون إلا بك ومنك {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} .