ومن أصول البر وأعظم خصاله أن يؤمن الإنسان باليوم الآخر والبعث بعد الموت ليجزي المحسن على إحسانه والمسيء بإساءته, وعقيدة البعث تسارع إلى الإيمان بها النفوس الكاملة والعقول المستنيرة, فإنه لو لم يكن هناك بعث ولا نشور لكان خلق السموات والأرض وما بينهما باطلا, وحينئذٍ يستوي من يفسد في الأرض ومن يصلح فيها, ومن يحسن إلى الإنسانية ومن يسيء إليها. وكما قال تعالى:{ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّار, أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} , وهذا لا يكون أبداً ولابد من البعث ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى, ومن أصول البر التصديق بملائكة الله وهم خلق الله تعالى جعلهم الله رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع, شأنهم الطاعة, ومسكنهم السموات, لا يعصون الله طرفة عين ويفعلون ما يؤمرون, ومنهم معقّبات للإنسان من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله, وفيهم الكرام الكاتبون, ومنهم خزنة النار, ومنهم الذين يدخلون على المؤمنين في الجنة من كل باب, {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} .
ومن أصول البر أن يؤمن الإنسان بأن الله عز وجل أنزل كتبا من السماء لتكون نبراسا لأهل الأرض ودستورا لهم يقتدون بها إلى الصراط المستقيم والمنهج القويم ومنها التوراة والإنجيل والقرآن العظيم.