ولئن كانت العوامل الكثيرة والظروف الحاضرة قادرة على أن تساعد هؤلاء على رفع أصواتهم، وأن تمكنهم من الوقوف وقفة الجريء فإنها غير قادرة على أن تجعل منهم أبطلاً حقيقيين ذوي نفوذ قوي، وأفكار فعالة تستطيع التأثير في كيان هذه الأمة، ذلك أن هذه الأمة قد اعتادت رفض العناصر الغريبة التي تطرأ على كيانها، وهؤلاء بحكم ثقافتهم الملوثة، وعقائدهم المشبوهة غرباء. غرباء عن مشاكل هذه الأمة التي تعيشها. غرباء عن آمالها التي تطمح إليها. غرباء عن أهدافها التي تسعى لتحقيقها. غرباء في أطوارهم وتأملاتهم، وهذا ما قادهم إلى المفاهيم الجديدة التي يريدون الخروج بها على العالم الإسلامي مع مخالفتها لكتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم. ولا شك أن هذا ليس دليل رشد في العقل، ولا حكمة في القول، وإنما دليل جهل وغطرسة وقلة دراية بالشريعة الإسلامية، وبطبيعة هذه الأمة، ولا أعني بالطبيعة ما انطبع عليه القوم من تقاليد وعادات قومية وعنصرية وإقليمية، وإنما أعني ما انطبع في قلب المسلم من حب لعقيدته وتشبت بها، وتفان في سبيلها وكراهية شديدة للذين يحاولون تشويشها وتحريفها.
ولو أن هؤلاء يدركون الحقيقة لعلموا أن ما يقومون به من محاولات لجرف هذه الأمة من قلعة عزها وحريتها إلى حظيرة الذل والاستعباد إنما هو عبث لا فائدة منه ولا طائل لهم، وبالتالي لرفقوا بأنفسهم من هذا الضجيج الأهوج والادعاء الكاذب.