إن نصيب مثل هذا الكاتب عند عامة المسلمين كنصيبه عند خاصتهم ليس إلا المقت والازدراء والسخرية، وبالتالي ليس لما يكتب من مكانة في القلوب ولا أثر في النفوس اللهم إلا ازدياد النفور من ضلالاتهم، والحذر من أحابيلهم.
إن أكبر مصيبة هؤلاء على أنفسهم أنهم يكتبون ناقدين، ويكتبون موحين على حد زعمهم، ثم يصرحون بأنهم لا يأبهون بمن يكتبون عنهم أو لهم أي أنها لا تهمهم النتائج المترتبة على ما يكتبون، وسبب ذلك شيئان: أحدهما أنهم يكتبون طبقاً لما يوحى إليهم أي أنهم يكتبون بغير إرادة متحررة من الضغوط الهائلة المفروضة عليهم فرضاً قسرياً. وثانيهما أنهم يعلمون للهدم والتخريب لا للبناء والتعمير. وفرق بين من يريد البناء ومن يريد الهدم فالذي يريد البناء يضع كل شيء في مكانه ثم يتفقده بعد ذلك فما كان صالحاً أبقاه وما كان فاسداً أبدله، أو ناقصاً أكمله. أما الذي يريد الهدم فإنه لا يهمه إلا تقويض البنيان وإزالة معالمه.
وأصحاب الفهم الجديد للقرآن الذين يريدون تحريف نصوصه وتعطيل أحكامه مجاراة للقوى المادية، والعقائد الإلحادية، لا يريدون بناءً للمجتمع العربي ولا بقاء للدين الإسلامي ولا حياة للأمة الإسلامية وإنما يريدون تقويض هذا المجتمع، وطمس معالم هذا الدين، والقضاء على الأمة التي تلاحمت تحت رايته، لأن من المستحيل أن تجتمع العرب على غير شريعة الله وأن يبقى دين محرف كتابه، ومعطلة أحكامه، وأن تحيي أمة ذات عقيدة سماوية تحاد الله ورسوله، وتواد أعداءه وتواليهم، وتعتبر الكفرة الفجرة أعواناً والملاحدة أنصاراً. فالذين يريدون الالتحام مع الملاحدة والتعاطف معهم، والانقياد لهم إنما يريدون تذويب الشخصية العربية والإسلامية على حد سواء.
أجار الله الأمة العربية والإسلامية من المهوسين فكرياً، والمنحرفين عقائدياً، والمنحلين أخلاقياً، ولا حول ولا قوة إلا بالله.