ثم لما برزت المشكلة الفلسطينية، وذر قرن الصهيونية اليهودية، بدأنا نسمع عن اليهود وعقائدهم الخطيرة وأفاعيلهم المذهلة، ومكرهم العالمي، ومؤامراتهم الخبيثة وخطرهم على البشرية جمعاء ما جعلنا نعيد النظر في الصورة المنطبعة في أذهاننا عن مسكنتهم المصطنعة ولكن بقيت قضية خطف الأشخاص واستنزاف دمائهم في نظرنا خرافة لا تصدق، حتى وقع إليّ منذ سنوات مجموعة الأستاذ أسد رستم (أستاذ التاريخ الشرقي في الجامعة الأمريكية ببيروت، الذي توفي منذ بضع سنوات) التي جمع فيها بعض وثائق تاريخية تتعلق بتاريخ سورية في زمن إبراهيم باشا المصري من سنة ١٢٤٧-١٢٥٥هـ ونقلها عن سجلات المحكمة الشرعية بحلب وأنطاكية وحماة ودمشق في سنة ١٩٢٧م فإذا به يفتتح الجزء الخاص منها بقصة خطف اليهود في دمشق للقسيس الفرنسي الجنسية المسمى: الأب (الباردي) توما وخادمه إبراهيم عمّار، وذبحهم إياها، وإرسال دمهما إلى كبير الحاخامين ليدخلوه في خبز الفطير الذي يوزعه الحاخامات على الأسر اليهودية في عيد الفصح السنوي، وينقل الأستاذ أسد رستم من سجلات المحكمة التي حاكمت الفاعلين من الحاخامين وسواهم محاضر جلساتها ووقائعها وينشرها في كتابه المذكور حرفياً، وتصويرها بصورة زنكوغرافية لأول مرة هذه المحاضر بالخط المدون به في سجل المحكمة، وذلك في عهد احتلال جيش إبراهيم باشا المصري وحكمه في سوريا. فقرأت القصة مذهولاً من التفاصيل التي فيها..
وكان عندي أغرب من هذه الحادثة - التي تدمى لسماعها القلوب ولو كانت متحجرة تلك القواعد الدينية التلمودية التي تم تنفيذ تلك الجريمة الفظيعة النكراء تطبيقاً لها فقد نبشت محكمة أولئك المجرمين، من الحاخامين الآمرين ومن بقية اليهود الذين قاموا بالتنفيذ، أنابيش من نصوص التلمود مذهلة يقف القارئ أمامها مشدوها لا مدهوشاً فقط.