فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} فأوضح سبحانه في هذه الآية الكريمة أن الكفار ما عبدوا الأولياء من دونه إلا ليقربوهم إلى الله زلفى. وهذا هو مقصد الكفار قديماً وحديثاً وقد أبطل الله ذلك بقوله:{إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} فأوضح سبحانه كذبهم في زعمهم أن آلهتهم تقربهم إلى الله زلفى وكفرهم بما صرفوا لها من العبادة وبذلك يعلم كل من له أدنى تمييز أن الكفار الأولين إنما كان كفرهم باتخاذهم الأنبياء والأولياء والأشجار والأحجار وغير ذلك من المخلوقات شفعاء بينهم وبين الله واعتقدوا أنهم يقضون حوائجهم من دون إذنه سبحانه ولا رضاه كما تشفع الوزراء عند الملوك فقاسوه عز وجل على الملوك والزعماء وقالوا كما أنه من له حاجة إلى الملك والزعيم يتشفع إليه بخواصه ووزرائه فهكذا نحن نتقرب إلى الله بعبادة أنبيائه وأوليائه وهذا من أبطل الباطل لأنه سبحانه لا شبيه له ولا يقاس بخلقه. ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه ولا يأذن في الشفاعة إلا لأهل التوحيد وهو سبحانه وتعالى على كل شيء قدير وبكر شيء عليم وهو أرحم الراحمين لا يخشى أحداً ولا يخافه لأنه سبحانه هو القاهر فوق عباده والمتصرف فيهم كيف يشاء بخلاف الملوك والزعماء فإنهم ما يقدرون على كل شيء ولا يعلمون كل شيء فلذلك يحتاجون إلى من يعينهم على ما قد يعجزون عنه من وزرائهم وخواصهم وجنودهم، كما يحتاجون إلى تبليغهم حاجات من لا يعلمون حاجته، ولأن الملوك والزعماء قد يظلمون ويغضبون بغير حق فيحتاجون إلى من يستعطفهم ويسترضيهم من وزرائهم وخواصهم، أما الرب عز وجل فهو سبحانه غني عن جميع خلقه وهو أرحم بهم من أمهاتهم وهو الحاكم العدل يضع الأشياء في مواضعها على مقتضى حكمته وعلمه وقدرته فلا يجوز أن يقاس بخلقه بوجه من الوجوه. ولهذا أوضح سبحانه في