للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعبادة الله هي طاعته وامتثال ما أمر الخلق به واجتناب ما نهاهم عنه على ألسنة رسله وهي حق الله على عباده يرضاها لهم ويحب وقوعها منهم ولأجلها خلق الخلق كما قال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} وبها أرسل الرسل وأنزل الكتب وهي أول واجب على العبد وأفضل الحسنات وأعظم الصلاح والعدل وهي حق لله على الخلق واجب متعين قال تعالى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ} {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} .وعبادة الله هي توحيد بأمره ونهيه أي أفعال العباد التي تصدر منهم موافقة لشرع الله كالسجود والخوف والرجاء والذبح والنذر وطلب النفع الغيبي وطلب دفع الضر الغيبي أو الذي لا يدفعه إلا الله. كما أن التوحيد يشمل الإقرار بأن الله رب كل شيء ومليكه والمسيطر عليه المتصرف فيه كيف يشاء الخالق الرازق المحي المميت ما شاء كان ولو لم يشأ الخلق وما شاءوا لم يكن إن لم يشأ. لا راد لأمره ولا معقب لحكمه، والإقرار أيضاً بأن الله بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير، وأنه الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم، له المشيئة النافذة والحكمة البالغة، يحب ويرضى ويسخط ويغضب، ويفعل ما يريد، السميع البصير الرؤوف الرحيم على العرش استوى، والملك بيده له الأسماء الحسنى، والصفات العليا، وهذا قد كان غلب الناس مقرين به لظهوره ووضوحه، والشرك فيه قليل وإنما الذي وقعت فيه الخصومات والمجادلات بين الرسل وأممهم توحيد المعاملة مع الله تعالى وهو أن يجعل العمل الذي أمر به العبد لله وحده لا يشرك فيه معه أحد من الخلع فمبناه على إخلاص التأله لله من المحبة والخوف والرجاء والتوكل والرغبة والرهبة والإنابة