وقد اتفقت كلمة أهل العلم على الثناء عليه, وبيان عظم منزلته, وخدمته التامة للسنة, رواية ودراية. قال فيه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد:"وكان فريد عصره وقريع دهره ونسيج وحده وإمام وقته انتهى إليه علم الأثر والمعرفة بعلل الحديث وأسماء الرجال وأحوال الرواة مع الصدق والأمانة والفقه والعدالة وقبول الشهادة وصحة الاعتقاد وسلامة المذهب والاضطلاع بعلوم سوى علم الحديث, منها القراءات؛ فإن له فيها كتابا مختصا موجزا, جمع الأصول في أبواب عقدها في أول الكتاب, وسمعت بعض من يعتني بعلوم القرآن يقول: "لم يسبق أبو الحسن إلى طريقته التي سلكها في عقد الأبواب المقدمة في أول القراءات, وصار القراء بعده يسلكون طريقته في تصانيفهم ويحذون حذوه". ومنها المعرفة بمذاهب الفقهاء؛ فإن كتاب السنن الذي صنفه يدل على أنه كان ممن اعتنى بالفقه لأنه لا يقدر على جمع ما تضمنه ذلك الكتاب إلا من تقدمت معرفته بالاختلاف في الأحكام. وبلغني أنه درس فقه الشافعي على أبي سعيد الاصطخري, وقيل بل درس الفقه على صاحب لأبي سعيد, وكتب الحديث عن أبي سعيد نفسه. ومنها أيضا المعرفة بالأدب والشعر, وقيل إنه كان يحفظ دواوين جامعة من الشعراء وسمعت حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق يقول: "كان أبو الحسن الدارقطني يحفظ ديوان السيد الحميدي في جملة ما يحفظ من الشعر فنسب إلى التشيع لذلك".