وورد أيضا:"حدثنا الحسن بن محمد حدثنا ابن عبد الله الأنصاري حدثني أبي عبد الله بن المثنى عن ثمامة بن عبد الله بن أنس رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب كان إذا قُحِطوا استسقى بالعباس ابن عبد المطلب فقال: اللهم إنا كنا نتوسل بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقنا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا قال فيُسقوْن". رواه البخاري.
قلت: قوله: "اللهم إنا كنا نستسقي بنبينا فتسقنا": أي بدعاء نبينا وهو صلى الله عليه وسلم حي يتلقى الوحي وبدليل أنه كان يدعو الله ويتضرع إليه وهو الذي شرع لنا الدعاء ولو شرع لنا غيره لما وسعنا إلاّ اتباعه لأنه أعطانا قاعدة جليلة وميزاناً منصفاً: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد". رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها.
وقوله:"وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا"والعباس يومئذ حي يُرزق وقام وتوضأ ودعا. ثم في الحديث محذوف فُهِم من السياق (ودعاء نبينا، ودعاء عم نبينا) . واعلم أخي المتطلع إلى طريق الحق أن التوسل يكون بالأعمال الصالحة المشروعة وبالدعاء. وقد بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الناصح الأمين، إيضاح ذلك في حديث الثلاثة نفر الذين آواهم المبيت إلى غار في الجبل فانحدرت صخرة من أعلى الجبل فسدت عليهم الغار إلى آخر الحديث [٢] .
وأما الوسيلة التي يدافع عنها بعضهم ويعادي فيها _ حتى في موسم الحج وقد جاء لمغفرة الذنوب وتصحيح العقيدة في مهبط الوحي ومهد أنصار السلفية _ وهي التوسل بذوات الأموات والأحياء فهي غير مشروعة من هنا نعلم أنها باطلة لا تجدي نفعاً.
وأما المشروعة هي أن تقول: اللهم إني أتوسل إليك وأتقرب إليك بإيماني بنبيك، وأنت مؤمن به، أو تقول: بمحبتي لنبيك وأنت تحبه، بأتباعي لنبيك وأنت صادق تتبعه.
وفي الحديث [٣] الذي رواه المقدسي عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به".