ورب قائل يقول ما حاجتك إلى بيان معنى هذه الكلمة في لغتها الأصلية فإن لغة اليهود لا تستحق كل هذه العناية. فأقول على رسلك "إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر زيد بن ثابت أن يتعلم لغة اليهود فقال عليه الصلاة والسلام لزيد: تعلم السريانية فإنها تأتيني كتب من يهود ولا آمن يهود على كتابي. قال زيد: فتعلمتها في نصف شهر". رواه أحمد والبخاري في صحيحه تعليقا. ولما قرأت صحيح البخاري لأول مرة ورأيت هذا الحديث استشكلته لأن المعروف أن لغة اليهود هي العبرانية لا السريانية فكيف يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بتعلم السريانية ليقرأ له كتب اليهود ويكتب الأجوبة. ولم أجد من يحل لي هذا الإشكال حتى شرعت أدرس تاريخ اللغات السامية في البلاد الجرمانية (ألمانيا) فانكشف لي أن اللغة العبرانية ماتت منذ تشتت اليهود وخروجهم من فلسطين بل ماتت قبل ذلك بمدة طويلة فإن بني إسرائيل في زمان عيسى عليه السلام كانوا يتكلمون باللغة السريانية في أمور دينهم ودنياهم ولم يبقَ عندهم من العبرانية إلا أدعية الصلوات، وباللغة السريانية ألّف التلمود ونزل الإنجيل. قال تعالى: في سورة إبراهيم: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} .