ولما أن تمكن الغرب من تقطيع أوصال الخلافة العثمانية عمل على أن يقتلعها من جذورها فكان له ذلك وعاونه على تحقيق هذه الغاية بعض أبناء هذه الأمة لأسباب متعددة. وأعقبت هذه النتيجة توسع سيطرة المستعمر الغربي على البلاد الإسلامية وخضوع أغلب هذه البلاد الإسلامية لهذه السيطرة بأشكال متعددة وظروف مختلفة, إلى أن تولد عن هذه السيطرة (الأجنبية) تيقظ بعض رجالات المسلمين فعملوا على تنبيه أمتهم من غفلتها وتحذيرها من الاستمرار في هذه الغفلة, وظهرت بعض الإشاعات الخفيفة في جنبات هذه الظلمة الواسعة التي عمّت البلاد الإسلامية فترة طويلة من الزمن وتلاحقت هذه الأنوار-رغم شدة الظلام المخيم على كثير من بلاد العالم الإسلامي-, ولكن النور لا يخفى أثره مهما اشتدت الظلمة.
وهكذا تكشّفت حقيقة الواقع المؤلم لبعض القلوب التي تفتحت بنور الإيمان وأخذت تعمل بإخلاص وجد في إيقاظ العالم الإسلامي وردّه بتؤدة وصبر وعزيمة إلى معتقده.
ولابد لهذه الجهود المخلصة أن تؤتي ثمارها, لأن النهضات لا تتحقق والعثرات لا تقال إلا بإخلاص العاملين من كل صنف وفي كل زمان.
وأرى أن بوادر الخير ظاهرة في الأمة الإسلامية رغم تلاحق الشدائد عليها, لأن من سنن الله سبحانه أن لا يضيع الشدائد لا تخرج عن كونها ابتلاءات تتمخض عن إنابة إلى الحق بإذن الله.
وثالث هذه النقاط:
٣- أن العقلية الغالبة-حتى الآن-على علماء العالم الإسلامي ورجالاته هي صفة الفردية, وعدم الاطمئنان للآخرين أو الثقة بهم وبهذا لا يتحقق التعاون المنشود بين رجالات العالم الإسلامي على جميع المستويات.
وداء الفردية داء فتاك في جسم الأمة, لأن العبقرية, مهما تكن فذة فإنها لا تبدع إن لم يكن إلى جانبها ما يشحذ من مضائها.