وهذه الآية الكريمة مثل بها بعض علماء العربية لحذف اللام الموطئة للقسم. لحذف الفاء من الجواب وعدم اقترانه بها. وساق فضيلته مناقشة عربية في ذلك. ثم ذكر بعدها الآيات المتعلقة بالموضوع فقال: ومن الآيات الدالة على ما دلت عليه آية الأنعام قوله تعالى: {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} . فصرح بتوليهم للشيطان أي باتباع ما يزين لهم من الكفر والمعاصي مخالفا لما جاءت به الرسل.. ثم صرح بأن ذلك إشراك به في قوله تعالى:{وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} . وصرح أن الطاعة في ذلك الذي يشرعه الشيطان لهم ويزينه عبادة للشيطان. ومعلوم أن من عبد الشيطان فقد أشرك بالرحمن. قال تعالى:{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ. وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ. وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ..} ويدخل فيهم متبعوا نظام الشيطان دخولا أوليا: (ولعل مما يشهد لأولية هذا الدخول ما سبق تقديمه من قوله تعالى فيمثل هذا المقام: {وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً} . ثم يبين المصير الأخير لمن كان يعبد الشيطان في دار الدنيا في قوله:{هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ. الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} .
وقال تعالى عن نبيه إبراهيم:{يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً} فقوله: لا تعبد الشيطان أي باتباع ما يشرعه من الكفر والمعاصي مخالفا لما شرعه الله.