للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والشيطان عالم بأن طاعتهم له المذكورة إشراك به كما صرح بذلك وتبرأ منه في الآخرة كما نص الله عليه في سورة إبراهيم في قوله تعالى: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ} إلى قوله: {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ} فقد اعترف بأنهم كانوا مشركين به من قبل أي في دار الدنيا ولم يكفر بشركهم إلا يوم القيامة. وقد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى الذي بيناه في الحديث لما سأله عدي بن حاتم رضي الله عنه عن قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} . كيف اتخذوهم أربابا وأجابه صلى الله عليه وسلم "أنهم أحلوا لهم ما حرّم الله وحرموا عليهم ما أحل الله" فاتبعوهم وبذلك الاتباع اتخذوهم أرباباً. ومن أصرح الأدلة في هذا أن الكفار إذا أحلوا شيئا يعلمون أن الله حرمه وحرّموا شيئا يعلمون أن الله أحله فإنهم يزدادون كفراً جديداً بذلك مع كفرهم الأول وذلك في قوله تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّه} أي بالقتال وما لا يجوز في الأشهر الحُرم إلى قوله تعالى: {وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} .

وعلى كل فكل من أطاع غير الله في تشريع مخالف لما شرعه الله فقد أشرك به مع الله كما يدل لذلك قوله:

{وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ} . فسماهم شركاء لما أطاعوهم في قتل الأولاد وقوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} . فقد سمى تعالى الذين يشرعون من الدين ما لم يأذن به الله شركاء.