وتمثيل الحكم للحركات النبوية والمشية النبوية، إما أن يكون ذلك منه استهزاء برسول الله والرسالة، ولو كان استهزاء لكان الحكم مرتداً، وجزاء المرتد المستهزئ برسول الله والرسالة، القتل بإجماع الأمة، كان المستهزئ مسلماً أو ذمياً، كما نص على ذلك علماء جميع المذاهب، وفي هذه المسألة صنف أبو العباس ابن تيمية كتابه الكبير: الصارم المسلول على شاتم الرسول.
وإما أن يكون الحكم بتمثيله للحركات النبوية والمشية النبوية متلاعبا فقط، واكتفاء رسول الله صلوات الله وسلامه عليه بلعنه ونفيه، دليل على اعتباره له يلعب، ولذلك لم يقتله، وبذلك يتم المقصود من أنه لعب وليس استهزاء.
فصح بهذا الدليل أن التمثيل برسول الله والرسالة لعب، واللعب بذلك حرام لا يجوز، ملعون اللاعب بفعله وحضوره وتأييده، ومع اللعنة حكمه أن ينفى من بلاده إلى بلاد لا عشيرة له فيها ولا أهل، كما نفى الحكم من المدينة المنورة من بين أهله وولده وعشيرته إلى الطائف، حيث عاش غريبا مطرودا بقية حياة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، وفي خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وفي خلافة عمر الفاروق رضي الله عنه، وإلى سنوات من الخلافة العثمانية.
والممثل يتخيل ويكذب في كلامه على الذين يمثلهم، يكذب عليهم قولاً فيما تخيل عنهم أنهم قالوه، ويكذب عنهم في محاكاةحركاتهم وتصويرها للناس في حركات أعضائه من قيام وقعود وضحك وبكاء وحزن وفرح، فالممثل كاذب في تمثيله بحاله ومقاله، والممثل لرسول الله يكون كاذبا على رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.
وفي الحديث المتواتر عن مائتي صحابي عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه:"من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار".
وكما قال أبو العباس ابن تيمية:"وليس يخفى أن من كذب على من يجب تعظيمه - كرسول الله - فإنه مستخف به مستهين بحقه".