فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم يزفها والدها إلى زوجها بجهاز متواضع، جهاز لا يساوي سوى دراهم معدودة، جهاز لا يغريهما بالركون إلى الدنيا، والاشتغال بلذائذها، بل يزهدهما فيها ويباعد بينهم وبين الافتتان بها.
فاطمة هذه هي بنت محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلي هو ابن عمه، وزوج ابنته، يسقي للناس حتى آذاه برد الماء، جاء فجلس إلى جوار شريكته في الحياة، يسر إليها نجواه، ويبث إليها شكواه فلا يكاد ينتهي من شكايته حتى تبادله الشكوى من مثل ما اشتكى منه كلاهما يشكو من الفقر والتعب والمرض، كلاهما يهدده هذا الثالوث الرهيب ما العلاج؟ وما الدواء؟ فكر عليٌ ولم يطل تفكيره فقد سمع أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه سبي، وامتدت عينه، وتطلعت نفسه إلى خادم يعينه ويعينها على أعباء الزوجية، ومشاق الحياة، وذهبت فاطمة إلى أبيها بتحريض من زوجها لكنها لا تكاد ترى وجه والدها الحنون حتى يغلب عليها الحياء ويتملكها الخجل فلا تزيد على السلام وهو _ عليه الصلاة والسلام _ لا يزيد على الرد, وتعود فاطمة كما بدأت تجر أذيالها، لم تستطع أن تعرض أمرها، وعلى من؟ على أبيها وهو أملها الباقي بعد وفاة أمها. ما أعظم الهيبة، وما أجمل هذا الحياء، عادت فاطمة إلى زوجها لتقول له: إنها استحيت أن تسأله ولكن عليا رضي الله عنه يخشى أن تفوته الفرصة، ويحرص على ألا تضيع، وهو يفهم قول الشاعر