للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا كان يا بنيّ: جاز لأعداء الإنسانية - ولا أقول أعداء الإسلام في كل مكان - أن يعملوا بكل طاقتهم وإمكانياتهم بالفساد، والإفساد والتخريب، والهدم ويتمثل هذا في الأسلحة الفتاكة التي صرف عليها من المبالغ الهائلة التي لا يمكن حصرها والتي تدمر الإنسانية وغيرها في لحظات قليلة - انظروا إلى أرض هيروشيما اليابانية التي كانت قبل الدمار تأتي بالخيرات العظيمة من الحرث والنسل انظروا إليها الآن ماذا حصل لها من الدمار والخراب ولا تأتي بشيء إلا أنها تلعن بلسان حالها من عاملها هذه المعاملة السيئة القبيحة، وإلى مثل هؤلاء يشير القرآن الكريم: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [٤] فإذا كان جاز لهؤلاء أن يعملوا هذا، وذاك - وحالة شعوبهم معروفة لدى العالم كله من النواحي الاجتماعية، والأخلاقية، والثقافية، وغيرها من النواحي الحساسة في الحياة الإنسانية كلها وكلها فساد، ودمار، وخراب - فكيف لا يجور للمسلمين أن يوحدوا صفوفهم وكلمتهم على الحق، والهدى ويتضامنوا على نصر الحق، والعدالة وغير ذلك من المعاني السامية العظيمة التي يكمن وراءها كل خير، وتقدم، وازدهار لجميع شعوب الأرض، ويمثلهم في هذا العمل المبارك هذا المؤمن بربه جل وعلا المخلص لوحدة المسلمين وتوحيد كلمتهم على الرشاد والهداية والإيمان والمساواة والأخوة الصادقة، والداعي لتضامن المسلمين لكي يرجعوا إلى دينهم الذي ارتضى لهم ربهم جل وعلا، ذلك الدين الخالص الذي أكرم الله به العالم كله، والذي أتى بنظام عادل موافق للطبيعة البشرية جمعاء، لماذا لا ينشط لهذه الدعوة الكريمة ويتشجع لها، وقد فتح الله له هذه الأموال المدفونة في هذه الأرض المقدسة، فعمر بلاده وأمته في ضوء ما تعلم، وأخذ عن هذه الرسالة الخالدة، فالإيمان الكامل برب هذا الكون هو الذي جعل الرجل المثالي يقف هذا