لقد بينا أن القتال هو الفقار والصلب في حياة المسلمين، لا يستطيعون له تركا، أو تساهلا به وإنهم لفي صراع دائم لأعداء الدين إذا أرادوا أن يكونوا دائما موضع مرضاة ربهم، والخلفاء في الأرض الذين لا ينقطعون عن الكيد لهم، وعن تبييتهم بالمؤامرات، والغارة عليهم ما أصابوا منهم نهزة، فقد أبى هؤلاء الدخول في ديننا وهم يحولون بيننا وبين الدعوة إلى كلمة الله فلا معدي لنا عن منازلتهم، وإحباط خططهم، وتشتيت قوتهم حتى يسلم لدولة الإسلام الأمن والاستقلال والسيادة لذلك كان نشوء جيش إسلامي نشوءا تلقائيا طبيعيا أمر تفرضه الضرورة وطبيعة الدين الإسلامي.
وهذا الجيش ذو خصائص نادرة مختصة به ثابتة فيه، لا يكون جيشا إسلاميا إلا بها، ولم يتمتع بها أحد من شعوب الأرض قديما أو حديثا إلا جيوش بعض الأنبياء والصالحين: كجنود طالوت وذي القرنين، وهؤلاء قد انقطع الزمان بهم، أما الجيش الإسلامي فهو ممكن الوجود في أي حقبة يستجمع أفراده هذه الصفات الخاصة عاملين بالتوجيه الإلهي..
إنه جيش الله المتجدد ما حافظ المؤمنون على الإيمان الحق، فإذا خلت صفوفهم من هؤلاء الجنود النادرين تراجعوا رجوعا ظاهرا.
فما أبرز خصائص الجيش الإسلامي؟
١- القتال من أجل هدف علوي:
فإذا كانت الأمم ترسل بجيوشها إلى الجبهات حلا لأزماتها: كالتزايد في السكان أو التضخم في الإنتاج، أو لتأمين مواد أولية وأسواق لمصانعها أو للسيطرة على بقاع من الأرض وبسط النفوذ على شعوب تسخرهم فيما يلائم مصالحها وحاجاتها فإن المسلمين لم يقاتلوا لواحدة من هذه أو أشباهها، ولا ينبغي لهم أن يقاتلوا لمثل هذه الأغراض، بل نحق الحق إذا قلنا إن الله بعثهم يقاتلون ذات الإغراض، ويقدمون للإنسانية مثلا جديدا من أمثال التحرك الإنساني: تحركا يثير الخير، ويئد الشر.