للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعندي أن المسؤولين في هذه الأمة عبر التاريخ لو استقاموا على سنن النبوة، والخلافة الراشدة في تكييف علاقاتهم بالأمم الأخرى لدانت لهم البلاد والعباد، ولمكن الله لهم في الأرض، ولأحلوا أمتهم المسلمة المكان الذي خلقت لتحله، لكنهم انحرفوا عن هذا السنن، فالتوت عليهم الأمور، وجعلوا ينحدرون شيئاً فشيئاً إلى مستوى المسؤولين العاديين في أنفسهم وفي علاقاتهم بالأمم الأخرى.

غير أنه قد كان لهذه الأمة - كما قلنا - عودات إلى (هويتها الحقيقية) وليس الآن مكان استيعابها، وقد كان من آخرها عودتها في القرن الثاني عشر في عهد الإمامين محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب رحمهما الله تعالى، وجزاهما عن الإسلام وأهله خيراً، وهذه العودة حقيقة بدراسة متخصصة مستوعبة.

صفوة القول:

أن الأمة المسلمة العظيمة لها (هُوّيّة) متميزة، وذلك أنها أمة (عقيدة ودعوة) عالميتين، ومن هذه الهوية انبثقت علاقتها بالأمم الأخرى، فكانت علاقة قائمة على (الدعوة والعقيدة) ، هادفة إلى إخراج الناس من الظلمات إلى النور، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن عبادة العباد إلى عبادة الله تعالى، أي أنها كانت دعوة هادفة إلى إبلاغ الناس قاطبة مصلحتهم الحقيقية في العاجلة والآجلة، وقد أعدت لذلك منهجاً متكاملاً لمواجهة مختلف الظروف والاحتمالات وهي في زحفها الحاني الحكيم لتبليغ الناس ما كلفها الله تعالى تبليغه من الحق والهدى، وشعارها في كل ذلك (لهم ما لنا وعليهم ما علينا) و {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} .