ويوجد في بعض المكتبات الكبيرة في الوطن العربي كما في دار الكتب والوثائق القومية في مصر مثلا نظام للدرجات والمرتبات يراعي مراكز المستويات المهنية حتى رتبة وكيل وزارة ومدير عام، وربما يضع هذا النظام الشروط اللازمة لكل وظيفة ومستوى التدريب والخبرة، وما يحكم الترقيات والعلاوات من قواعد ولكنها عمل فردي يمكن الاسترشاد به والاستشهاد لا أكثر ولا أقل.
على أن نظام الدرجات في المكتبات غالبا ما يكون جامدا لا يعرف المرونة، وهو ذو طابع عام لا يضمن التنوع في الوظائف بالنسبة لمهنة تتطلب نظاما واسعا من المراكز التي تختلف من حيث السلطة والمسؤولية والقدرة، أي أنه لابد بالنسبة للمكتبات من وجود كيان إداري ذي كفاية عالية.
والخلاصة أننا في حاجة ملحة إلى زيادة المواد التي تدرس في علم المكتبات، وتطوير هذا النوع من الدراسة، وإعداد المكتبيين مهنيا وترقية فن المكتبات وعلوم المكتبات، وضبط النماذج الإدارية داخل مكتباتنا.
لقد فقدت المكتبة العربية والإسلامية أمهات كتبها لتصبح حبيسة المتاحف والمكتبات في الدول الأوروبية والأمريكية، وتختل المكتبات في عالمنا العربي شأن أمور أخرى كثيرة وقعت لنا لعوامل متباينة.
ولا زالت المكتبة في الوطن العربي متخلفة عن أداء رسالتها ربما لعدم قدرتها على شراء قدر كاف من الكتب في مختلف العلوم والفنون، أو لعدم كفاءة العاملين فيها وكفايتهم وعجزهم عن تقديم المعلومات اللازمة للقارئ، وعدم توافر أعمال الإرشاد والخدمة المكتبية في هذه المكتبات. ولكن ومع قدرة العرب مؤخرا على تخطي كثير من الحواجز التي كانت تمنعهم من التقدم، وفي مقدمة ذلك الاهتمام بالتعليم، فإنه قد أصبح أمام المكتبة العربية حاليا فرصة طيبة لتعيد عصرها الذهبي مرة ثانية مرفقا حيويا عظيما، وتأخذ دورها الطليعي بين المدرسة والمسجد والجامعة والمتحف وغير ذلك من المؤسسات العلمية والأكاديمية والاجتماعية.