وكان ماركس أيام حياته الدراسية عالة على أبيه "هرشل" فلما مات أبوه صار عالة على أمه وأخته حتى عجزتا عن مواصلة الإنفاق عليه، فصار يلجأ إلى الاستدانة من أقربائه وأصدقائه، وبخاصة من انجلز الذي صار قرينه في الدعوة إلى الشيوعية. وكان أصدقاؤه إذا ضاقوا من طلباته حاولوا أن يكلفوه ببعض الأعمال التي قد تدر عليه ببعض الرزق، ولكنه كان يبوء بالفشل في كل عمل يسند إليه.
وكان ماركس قد تعرف على فتاة أثناء دراسته للحقوق في جامعة بون تدعى جيني، ولم يكن أحد قد اشتم منه رائحة نزعته الشيوعية إلى ذلك الحين. وكان عمره لا يتجاوز العشرين، وقد وقعت الفتاة في قلبه وهام بها، ولم يكن في أول أمره ذلك يفكر في الزواج منها لأنها من طبقة فوق طبقة أهله، والتقاليد تقف حجر عثرة في سبيله، غير أن الفتاة رغبت في الزواج منه ولم تعبأ بالفوارق الطبقية التي توجد بينهما. وقد أعلنت الفتاة أنها لن تتخلى عنه مهما كانت الفوارق، وأنها راضية به على أي حال. وعلى الرغم من تحقيق هذا الحلم فقد بدأ ماركس يشعر بالحقد الثائر نحو نظام الطبقات الذي كاد يحول بينه وبين جيني، وقد بدأت مشكلة المعاش - له ولزوجته - تتعقد أمام ماركس، فقد زادت نفقاته ولم يتحسن إنتاجه، ولاسيما بعد أن صار ذا أولاد، وقد صورت زوجته جيني ما صارت إليه هي وزوجها من البؤس وتعاسة العيش في كتاب إلى صديق لها تطلب منه أن يمد لها المساعدة؛ قالت فيه: