قلت: حاصل كلام الكوثري أن هذا القرآن الكريم الذي بين أيدي المسلمين مهما كانت صفته فهو مخلوق عنده، وأنه لا يثق ببحوث شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
فإذا كانت بحوث شيخ الإسلام عليه رحمة الله شاذة في نظره ولذا لا أحب أن أنقل له من كلامه شيئا من كتبه ومؤلفاته التي سوف يأتي الوصف الدقيق عنها فيما بعد إن شاء الله تعالى، وإنما سأنقل له شفاء لمرضه ومرض أتباعه عن مؤلفات الأئمة من السلف الذين مضت بينهم وبين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهم الله تعالى جميعا مئات السنين.
فمثلا هذا الإمام العلامة أبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي المتوفى ٢٨٠هـ والذي لا تخفى منزلته العلمية على أحد ممن ينتسب إلى العلم قال عنه الذهبي في تذكرة الحفاظ:"الحافظ، الإمام الحجة محدث هراة أو تلك البلاد، أخذ الحديث عن المديني ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية، وأكثر الترحال في طلب الحديث"[٨] يقول في كتابه البارع الفذ الرد على الجهمية باب الاحتجاج للقرآن أنه غير مخلوق ثم قال رحمه الله تعالى: "فمن ذلك ما أخبر الله تعالى في كتابه عن زعيم هؤلاء الأكبر وإمامهم الأكفر الذي ادعى أولا أنه مخلوق وهو الوحيد، واسمه الوليد بن المغيرة، فأخبر الله تعالى عن الكافر ودعواه، وردها ووعده بالنار أن ادعى أن قول الله قول البشر وقوله {إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ}(المدثر:٢٥) وقول الجهمية هو مخلوق واحد لا فرق بينهما فبئس التابع وبئس المتبوع، وقال تعالى:{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً}(المدثر:١١) إلى قوله: {ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ}(المدثر:٢٢-٢٦) "