ولقد جاد وأفاد العلامة الشيخ شرف الحق شارح السنن في الكلام على هذه الأحاديث، وفند دعوى الجهمية وأبطلها. وهكذا صنع الإمام العلامة ناصر السنة، وقامع البدعة الشيخ أبو محمد حسين بن مسعود البغوي في كتابه العظيم النافع شرح السنة، فوضع بابا مهما بعنوان باب الرد على من قال بخلق القرآن، ثم ساق تحته الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، والآثار الموقوفة والمقطوعة، ثم قال رحمه الله تعالى:"وقد مضى سلف هذه الأمة وعلماء السنة على أن القرآن كلام الله ووحيه ليس بخالق ولا مخلوق، والقول بخلق القرآن ضلالة، وبدعة لم يتكلم بها أحد في عهد الصحابة والتابعين رحمهم الله تعالى، وخالف الجماعة الجعد بن درهم فقتله خالد بن عبد الله القسري، قال سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال: "سمعت مشائخنا منذ سبعين سنة يقولون: إن القرآن كلام الله ليس بمخلوق". وعن جعفر بن محمد الصادق أنه سئل عن القرآن فقال: "أقول فيه ما يقول أبي وجدي: ليس بخالق ولا مخلوق، ولكنه كلام الله". قال يحيى بن خلف المقرئ: "كنت جالسا عند مالك بن أنس فجاء رجل فقال: ما تقول فيمن يقول القرآن مخلوق فقال: عندي كافر فاقتلوه". وعن ابن المبارك وليث بن سعد وسفيان بن عيينة، وهشيم بن بشير، وعلي بن عاصم، وحفص بن غياث ووكيع بن الجراح مثله. قيل لعبد الرحمن بن مهدي: "إن الجهمية يقولون إن القرآن مخلوق فقال: إن الجهمية أرادوا أن ينفوا أن يكون الرحمن على العرش استوى، وأرادوا أن ينفوا أن يكون الله كلم موسى. وأرادوا أن ينفوا أن يكون القرآن كلام الله، أرى أن يستتابوا فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم" [٢٠] . وقال الإمام العلامة الشيخ أبوبكر محمد بن حسين الآجري التلميذ الرشيد للإمام أبي داوود السجستاني في كتابه العظيم "الشريعة": "القرآن كلام الله عز وجل، وأن كلامه جل وعلا ليس بمخلوق، ومن زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر"، ثم قال رحمه الله تعالى: "اعلموا رحمنا الله تعالى