بعرفات ومنى من شر ما خلق الله، هذا لا يقوله ولا يجيز القول به مسلم يعرف دين الله محال أن يستعيذ مسلم بخلق الله من شر خلقه"ثم قال: "ولذكر القرآن أنه غير مخلوق مسألة طويلة تأتي في موضعها من هذا الكتاب إن وفق الله ذلك لإملائها" [٢٣] . قلت: وقد ألف الإمام أبو عبد الرحمن عبد الله بن الإمام أحمد بن محمد بن حنبل كتابا عظيما جليلا وسماه السنة، وقد طبع لأول مرة على نفقة جلالة الإمام المغفور له - إن شاء الله - عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود المعظم، وهو جدير بهذا الشأن الخطير. فهذه بعض النقول عن أئمة السلف رحمهم الله تعالى نصت على أن القرآن كلام الله تعالى حقيقة وليس بمخلوق، ومن يذهب خلاف هذا المذهب فهو كافر عندهم كما جاء عن الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى، وعن غيره من أئمة الإسلام السابقين، ولا أزيد على هذه النقول إلا كلمة واحدة وهي: أشهد الله تعالى على أنها حق وصدق ودين أدين الله بها فأقول- وإن كنت لست ممن يعتمد على كلامه -: إن القائل بخلق القرآن كافر مرتد حلال الدم والمال، يفرق بينه وبين زوجته المسلمة.
وأما قول الشيخ الكوثري في شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وفي بحوثه كما مر بكم آنفا من كلامه فأقول: ليس هذا أول سهام مسمومة توجه إلى حامل لواء السنة النبوية، وقد سبق الكوثري في هذا الشيخ الهيتمي المكي في كتبه ورسائله التي وصفها العلامة الإمام أبي المعالي محمود شكري الألوسي في كتابه غاية الأماني في الرد على النبهاني بقوله: "وأما كتب ابن حجر "المكي"التي فرح بها الزائغ، فإنها لا تصلح عند من له بصيرة ونظر لغير العطار والإسكاف، فهي إما مزاود للعقاقير، وإما بطائن للخفاف، حيث إنها قشور لا لب فيها، وهكذا كتب السبكي وابنه" [٢٤] . قلت: وهكذا بعض كتب أحمد زيني دحلان ومحمد زاهد الكوثري.