للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وطبيعتها الإنسانية لا تمنع أن تكون حربا هجومية، إنها هجومية في أقوى مضمون لهذه الكلمة، لا نداجي ولا نجامل ولا نخجل من هذا المحتوى ولا يحملنا حاضر المسلمين التعيس على إلقاء ظلال كاذبة زائفة على حروبنا، فهي هجوم على الكفر والإلحاد والطغيان ودفاع عن الروح والعقيدة والإنسان إن هذه الصفة باقية لها ما بقى للإلحاد تطاول في وجه الإيمان.

وهذه الصفة الإيمانية الإنسانية تفرض أن يكون لها شعار واحد ثابت على الدهور، هو: "لا اله إلا الله، محمد رسول الله"وإنها لتفقد جوهرها وتفرغ من مضمونها إن اتخذت ستارا غيره ولا تسمى حربا إسلامية أي حرب اتخذت شعارا يعارض الحقيقة التي ينبثق منها هذا الشعار، وإن كان وقود هذه الحرب جنودا من أبناء المسلمين.

د- حرب عادلة:

وتتجلى عدالتها في مواقف المسلمين السمحاء، باعتراف من أعدائهم، ومردها إلى التزامهم تعاليم الله التي شرعها لهم في معاملة المغلوبين والمعتدين. ويكفي أن نشير إلى العدالة المطلوبة في الحال التي تدعو إلى الرد على العدوان: إذ جعل الله للرد مقدار هو جزاء المثل، وقيده بالتقوى. قال تعالى: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [٨٥] فأوجب الله على المسلم أن يحكم التقوى في سلوكه في المواقف كلها، وفي اللحظة التي لا يخشى في البطش حسيبا من الناس، ولكنه يخشى الله-عز وجل-فيمسك فإذا هو المحارب التقي العادل.

ويعطي الرد العادل أطيب النتائج للفريقين معا، فهو يكف عن المسلمين بأس الذين كفروا، ويفتح لهؤلاء باب الدخول في الإسلام وقد وجدوا جنده مثلا في العدل والرفق.