غدر وكذب وفجور؟ "قال: وأظهرت إسلامي وإسلام أهل بيتي، وأسلمت عمتي خالدة بنت الحارث فحسن إسلامها، وكذلك أسلم مخيريق وكان حبرا عالما غنيا كثير الأموال، ودعا قومه للإسلام فأبوا، فلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وقتل شهيدا، وأوصى بأمواله لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مخيريق خير يهود".
هذه الروايات تصور نفسية بني إسرائيل بأجلى بيان وأوضح تبيان على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وصوله المدينة مهاجرا أراد أن يبدأ اليهود بالخير والمسالمة والتآلف واللين، فعقد معهم معاهدة صلح ليأمن شرهم ويغريهم بالدين الجديد، ولكن أنى لحلفاء الشيطان أن يعيشوا عيشة الكرامة والمسالمة، إذ ما لبث شيطان الحسد أن ثار في نفوسهم وهاج هيجانا عظيما بعد موقعة بدر، فخان بنو قينقاع، ونقضوا العهد، فطردوا من المدينة ونزحوا إلى خيبر، ثم تأسى بهم بنو النضير في الخيانة، وحاولوا قتل الرسول صلى الله عليه وسلم بإلقاء صخرة عظيمة عليه من أعلى السور، فأعلمه الله بخيانتهم وحاصرهم المسلمون وطردوهم، وفيهم نزلت سورة الحشر.
أما بنو قريظة فكانت خيانتهم أعظم وأشد وقعا على نفوس المسلمين، ذلك أنها حدث في أحرج الأوقات على المسلمين، وجيوش قريش ومشركي العرب تحاصر المدينة من وراء الخندق بقيادة أبي سفيان. هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا، وانتهت خيانة بني قريظة بذبح كل قادر على حمل السلاح وكل محتلم.
بعد أن عقد اليهود العزم على معارضة رسول الله صلى الله عليه وسلم والكفر به وتحديه وصرف الناس عن دينه بكل وسيلة، سلكوا في ذلك مسالك شتى: