ورغبته في وضع رسالة في ذلك خدمة لكتاب الله وتسهيلا لطلاب العلم، لأنها توهم كما يوجد في الأحاديث ما يوهم ويحتاج إلى بيان أوجه الجمع. فشرع رحمه الله في تأليفه في أوجز وقت وذلك في عطلة المذاكرة قبل الاختبار حوالي العشرين يوماً وأعطانيه أبيضه للطبع فكانت لي دراسة خاصة لجميع نقاطه وكنت أعرف الناس بموضوعه وقد أشار رحمه الله في مقدمته بأوضح عبارة حيث قال ما نصه:
"أما بعد فإن مقيد هذه الحروف عفا الله عنه أراد أن يبين في هذه الرسالة ما تيسر من أوجه الجمع بين الآيات التي يظن بها التعارض في القرآن العظيم". فترى أنه عفا الله عنه ورحمه أراد بيان أوجه الجمع ودفع الظن عن كتاب الله. فكان رحمه الله عالماً ولم يك متوهماً وحاشاه رحمه الله من مثل ذلك مع ما أعطاه الله من فهم في كتاب الله.
ولعل بهذا الإجمال يكون قد ذهب عنك ما توهمته أنت في الشيخ رحمه الله، والتقيت مع الشيخ في موضوع الكتاب وأنه أراد تصحيح مفاهيم من يظنون توهماً في كتاب الله ومن هنا يكون منطلق عتابي معك ثم إن موضوع (إيهام الاضطراب) الذي ينفيه سيادتكم ليس جديداً ولا حادثاً. وقد سئل عثمان رضي الله عنه عن الاستمتاع بالأختين بملك اليمين فقال:"أحلتهما آية وحرمتهما آية يعني {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} مع {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} وقد ذكر البخاري رحمه الله أن رجلاً أتى ابن عباس وسأله عن آيتي البقرة والنازعات في خلق السماوات والأرض فقال له ابن عباس: أشك في كتاب الله؟ فقال لا: بل أسأل.