ولم تهمل كلمة أهل في أول الجملة فيكون تركيبها: (حتى إذا أتيا قرية استطعما أهلها) لأن ذلك قد يوهم أنهما سألا أهلها إجمالاً، وهذا يصدق بسؤال بعض منهم، فلا يكون ثمة عجب أو دهشة في إقامة الجدار مع رفض القرى من بعض الأفراد.
وكما قال بعض المفسرين أنهما قابلا أول الأمر بعض أفرادها وحين أعوزهما الطعام ذهبا يسألان الأهلين [٣] واحداً واحداً أو بيتاً فلم يحفل أحد بهما ولا طابت نفسه أن يقدم لهما طعاماً، وبعد هذا كله يقيم الخضر هذا الجدار غير آبه لما كان منهم من إساءة وشح.
وبدء الآية بالأهل لا ينافي أنها حديث عن القرية.
بهذا لا يكون تكرار كلمة (أهل) في الآية من وضع الظاهر موضع المضمر بل يكون ذكراً لا بد منه.
وكان الأديب العالم الشيخ صلاح الدين الصفدي ممن حيرهم البحث في تركيب هذه الآية فكتب إلى الشيخ السبكي يسأله شرحها في شعر جاء فيه:
بدا وجهه استحياله القمران.
أسيدنا قاضي القضاة ومن إذا.
لا فضل من يهدي به الثقلان.
رأيت كتاب الله أكبر معجز.
بها الفكر في طول الزمان عناني.
ولكنني في الكهف أبصرت آيةً
ترى استطعماهم مثله ببيان.
وما هي إلا استطعما أهلها فقد.
مكان ضمير إن ذاك لشاني.
فما الحكمة الغراء في وضع ظاهر.
وأجاب القاضي بهذه الإجابة التي لخصناها عنه، ووجدها من المفسرين بعده من يرتضيها ويؤيدها.
[١] المجلة: في إعراب هذه الآية يقول المبرد: إن (يتربصن) خير لمبتدأ محذوف دل عليه المقام. والتقدير (أزواجهم يتربصن) وهذه الجملة خبر عن المبتدأ الأول وهو (الذين) = وحذف ما يعلم جائز.