انظري إلى الطفل الصغير عندما يخرج إلى الدنيا كيف يبحث عن الثدي ويلتقمه بالفطرة ولم يبحث عن الملابس ولبلبها، إن الملابس يا غادة من الممكن أن يقوم بإلباسه إياها أهله, أما الطعام فلولم يهتد الطفل إلى امتصاص الثدي لما تمكن أهله من إدخال الطعام إلى جوفه، وتأملي ذلك الحليب الذي أودعه الله ثدي الأم فصار لبناً معقماً نقياً محتفظاً بدرجة الحرارة الملائمة لأمعاء الطفل وبتركيب خاص مهيأ للهضم في تلك الأمعاء الدقيقة وجعل مادة اللبأ التي تسبق الحليب ذات علاقة مهمة في نمو أعضاء الطفل وفوق هذا أودع الأم عاطفة الحنان والعطف بحيث يضفي ذلك على الطفل السعادة ونمواً عضوياً لا توجد لدى طفل حرم منها. . تأملي يا غادة تلك الأنهر الجارية في جسم الإنسان مع اختلاف في طعمها وتركيبها، فالريق نهر عذب يجري في فم الإنسان فلا يتدفق بصورة السيلان ولا ينضب إلا إذا فارقت الروح الجسد، والدمع نهر مالح يجري في مآقي الإنسان ولا يسيل إلا مع عاطفة البكاء أو تأثر العين بجسم خارجي، وهكذا مع أنهر الدم ومشتقاته وخلاف ذلك، تأملي القلب تلك المحطة الصغيرة الكاملة بجميع أجهزتها الدقيقة المعقدة ومهمتها الصعبة كيف ينبض باستمرار وبصورة منتظمة ودقات معدودة لا يمكن أن تتخلف أو تكل ما دام الإنسان في حالة طبيعية ومع هذا فالقلب متصل بالعقل وبينهما رابط قوي واتصال مباشر وعن طريقهما تتحرك كل الأعضاء في الإنسان ويتحدد موقفه وسيره وعمله {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} ، انظري يا غادة إلى القطط والكلاب تلد الأنثى منها أربعاً أو أكثر في بطن واحد بينما تلد المعز والنعاج والنوق والبقر مولوداً واحداً في الغالب ومع هذا نجد الغنم والجمال والبقر كثيرة جداً ونجد الكلاب والقطط قليلة جداً إذا ما قيست بتلك، فكيف تم هذا؟